mardi 27 mai 2008

Ahmed ould Daddah

داداه مع الامل الجديد
الخميس 10 نيسان (أبريل) 2008 بقلم rimtoday
كيف اتخذ قرار انشاء العملة الوطنية؟
أحمد ولد داداه: اتخذ هذا القرار من طرف الرئيس المختار ولد داداه رحمه الله في أغشت 1972 وأعلم به مجموعة قليلة من الأشخاص: أنا و والرئيس الحالي الذي كان آنذاك وزيرا للاقتصاد، وإسماعيل ولد أعمر المدير العام لشركة اسنيم، وتولينا نحن إعلام المرحوم أحمد ولد الزين، والمصطفى ولد الشيخ محمدو، واديينغ بوبو افاربا، والمرحوم المصطفى ولد اخليفه، وأخذنا في تهيئة المشروع بصورة سرية، وساعدتنا روح الفريق التي تحلينا بها، وعرض اقتراحاتنا على بعضنا البعض على إنجاح هذا المشروع الذي يتعلق بمجال فني دقيق جدا، رغم انعدام التجربة فيه، واحتمال الوقوع في الأخطاء، كما أننا فهمنا مبكرا أن رقابة التحويل هي حجر الأساس، وأنه إذا تركت لها الدولة الحبل على الغارب فستفشل عملتنا، فقمنا باعتماد المرونة الكاملة اتجاه الموريتانيين لأننا ندرك أن أي ثروة تجارية بيدهم هي في النهاية ثروة وطنية، لأن التجار الموريتانيين في تلك الفترة ليست لهم أي ميول للاستثمار خارج البلاد، وبالتالي لن تكون هناك مضاعفات كبيرة في حال ما إذا وقعوا في مخالفات جمركية أو ضريبية، فالاقتصاد الموريتاني لن يتضرر على كل حال، مركزين على مراقبة العناصر الأجنبية التي تتاجر في البلاد خشية أن يقوموا بعمليات تحويل كبيرة، تؤدي إلى استنزاف ثروتنا من العملة الصعبة، بعدما أكدت لنا تحليلاتنا أن هذه هي إحدى نقاط الضعف الرئيسية التي قد يدخل الخلل على عملتنا من جهتها.
من جهة أخرى ساعدتنا, في إنجاح هذا المشروع سيطرتنا على صادراتنا التي كانت تتمثل أساسا في عنصرين هما الحديد الذي كان يمثل 80% من العملة الصعبة والصيد البحري.. وهكذا نجحت العملة الوطنية التي صدرت في 29 يونيو 1973.
وفي اكتوبر من نفس السنة حدثت الطفرة المذهلة في أسعار النفط إلى درجة أن مداخيل الدول العربية المنتجة للنفط تضاعفت أربع مرات, وانضمت موريتانيا في هذه الفترة إلى الجامعة العربية فكانت حاجتنا من العملة الصعبة لدى أشقائنا العرب متوفرة، وقد ساعدتنا في هذا الصدد السعودية ثم الكويت، وكانت المساعدة الحاسمة في هذا الميدان هي تلك التي قدمتها لنا ليبيا والمتمثلة في 20 مليون دولار لتوفير ضمانة للأوقية إثر زيارة من المرحوم المختار ولد داداه الى ليبيا بعدما رفضت فرنسا منحنا هذا المبلغ.
وهكذا أدى نجاح هذه العملة إلى تأسيس قاعدة اقتصادية وطنية كما أعطى سمعة كبيرة لموريتانيا، ودفع ذلك فرنسا لما تأكدت من نجاح التجربة الموريتانية، وخشيت من تقليد دول أخرى لها، إلى القيام بإصلاح جوهري في منطقة الفرنك نجم عنه تخلي فرنسا عن استضافة مقر البنك المركزي لإفريقيا الغربية الذي كان موجودا بباريس, ومثله البنك المركزي لوسط إفريقيا فتم نقل البنكين إلى داكار وياوندي, كما تخلت فرنسا عن إدارة البنكين لصالح أفارقة بدل الفرنسيين، وقد قامت فرنسا بذلك حتى تلفت الأنظار عن هذه التجربة الرائدة في مجال السيادة النقدية التي نجحت في موريتانيا على تواضع مواردها, في حين توجدفي المنطقة دول أكثر وسائل من موريتانيا بكثير ككوت ديفوار والغابون والكونكو ابرازافيل والكاميرون.. إذن يمكن القول بأن كل المنطقة الإفريقية قد استفادت من التجربة الموريتانية التي أعتبر أنها إنجاز لكل الفريق الاقتصادي الذي أشرف عليها وساهم مساهمة كبيرة في إنجاحها، وأذكر أن مراسل جريدة لوموند الفرنسية في غرب إفريقيا ابيير بيرنس الذي سيصبح فيما بعد عضوا في مجلس الشيوخ الفرنسي كتب في يوليو1978 بعيد الانقلاب أن التجربة النقدية في موريتانيا نجحت وأن الاقتصاد الموريتاني لم يعان إلا من حرب الصحراء وعجز الموازنة..
وقد ءال إنشاء العملة الوطنية إلى تأميم ميفرما والتحكم في صادرات الحديد التي كانت تمثل الصادرات الرئيسية آنذاك، لأن التحكم فيها يعني التحكم في المصدر الأساسي للعملات الصعبة. والسؤال المطروح هو: هل نجاح هذا المشروع وتأميم ميفرما كان بمثابة العجلة التي دفعت إلى توريط موريتانيا في حرب الصحراء التي استنزفت بصورة رهيبة المبالغ والاحتياطات النقدية التي كانت تتوفر عليها البلاد.

الأمل الجديد: هل تريدون أن تقولوا بأن فرنسا ربما لعبت دورا خفيا لجر موريتانيا إلى حرب الصحراء انتقاما من مراجعة الاتفاقيات وإنشاء العملة الوطنية وتأميم ميفرما؟

أحمد ولد داداه: أنا الآن لست بصدد كتابة مذكراتي لكني أقول بأنه من الصعب على المرء ألا يجري مقارنة بين ما حدث في حرب الصحراء وتأثيره السلبي على الاقتصاد الموريتاني، وعلى النجاح الكبير الذي تحقق، وجعل موريتانيا تبدأ في جني ثمار سياستها.. هذا المشروع المسمى مشروع تكوير الحديد في العوج، كان قائما في تلك الفترة وكان سينفذ بمليار دولار، كما حصلنا على 500 مليون دولار لمشروع الكلابه، وكان هناك مشروع أكبر من كل هذا لدى اليابانيين الذين أخبروني حينما كنت وزيرا للمالية قبل الانقلاب بأنهم سيستثمرون في بلادنا استثمارا هائلا يمكن تسميته باستثمار القرن في مجال الصيد، هذه الاستثمارات الضخمة التي بدأت تتجه نحو موريتانيا وأصبحت موريتانيا قاب قوسين أو أدنى من اقتطاف ثمرة سياستها بعد نجاحها في صبرها على هذه المشاريع وتسييرها لها وأدتها حرب الصحراء، ولا شك أنه كان لفرنسا دور في ذلك، لكنها قد لا تكون وحدها فيه، فربما كانت هناك جهات أخرى رأت أنه بإمكانها أن تستغل دفع موريتانيا إلى الحرب لاستقطاب المستثمرين لصالح مشاريعها، إن هذا الموضوع يستحق تحقيقا معمقا لمعرفة حقيقة ما جرى وخلفياته ودور كل طرف فيه, إنني أعرف أن الرئيس الفرنسي جيسكار دستين الذي أصبح رئيسا لفرنسا في ربيع 1974 التقى مع الأمير الاسباني آنذاك اخوان كارلوس الذي كان مرشحا للعرش الاسباني إبان مرض الجنرال افرانكو، وسمعت ميتران بعد ذلك 1981 وأنا في تيشيت يتكلم عن قضية الصحراء ويقول بأن ذلك الاجتماع الذي ضم جيسكار دستين واخوان كارلوس قضي فيه بليل ما قضي فيه من أمر الصحراء.

الأمل الجديد: إنشاء البنك المركزي، ألم يولد مشكلة وجود بنوك وطنية؟

أحمد ولد داداه: طبعا إبان إنشاء البنك المركزي لم يكن يوجد سوى بنكين أحدهما بياوو والآخر أس أم بي، وكانا تحت أيدي الفرنسيين في ذلك الوقت, فهما منحدرين من بنوك فرنسية معروفة، وهذا ولد بعض التناقضات مع هذين البنكين بسبب عدم رضوخهما للتوجيهات العامة للبنك المركزي، وفى هذا الصدد قام بنك بياوو لما أعلنا تأميم ميفرما بحجز 20 مليون دولار كانت في حسابه، وكان ينبغي أن يحولها إلى البنك المركزي فلم يفعل، قام بتسليمها إلى ميفرما نكاية بموريتانيا مما تسبب لهذا البنك في مشكلة مع البنك المركزي آلت إلى تأميم موريتانيا لهذا البنك مقابل أوقية واحدة رمزية في إطار الصلح الذي أبرم بين موريتانيا والفرنسيين بشأن ميفرما.
وبالمقابل كانت موريتانيا تعمل على تشجيع إنشاء بنوك عربية وإفريقية لتوسيع استفادتها فى هذا المجال, ويعود لموريتانيا الفضل في إنشاء البنك العربي للإنماء في إفريقيا (BADEA) الموجود الآن مقره في السودان حيث كانت موريتانيا هي صاحبة المبادرة في اقتراحه، وصياغة أول وثيقة تقدم للجهات العربية حول إنشائه, وسافرت أنا من أجل مناقشة هذه المبادرة مع عدة جهات عربية وإفريقية، وأذكر بهذه المناسبة أنني التقيت في القاهرة بعبد الرحمن سالم العتيقي وزير المالية والنفط في الكويت لقاء ظهر فيه قدر من التفاهم وتجانس الأفكار فيما بيننا، وفي صيف 1974 جاء الوزير العتيقي إلى دكار لتدشين البنك الكويتي السينغالي، فقمنا بإجراء جملة من الاتصالات لحثه على المرور بموريتانيا خلال رحلة عودته من السينغال وقبل العتيقى ذلك على أن يكون توقفه في موريتانيا قصيرا لضيق وقته.
فقمنا بتجهيز ضيافة فاخرة ونقلناها إلى المطار فجرا، حيث سيصل الوزير العتيقي في ذلك الصباح، ولم يمض معنا سوى ساعتين حظي فيهما باستقبال جيد, كما أزرناه خلالها بعض معالم انواكشوط، واتفقنا معه خلال هذه اللحظات على إنشاء البنك العربي الإفريقي في موريتانيا، وهو بنك مشترك بين البنك المركزي الموريتاني والبنك العربي الإفريقي الذي هو بنك كويتي مصري مقره في القاهرة، وعلى بناء آفاركو، وإنشاء فندق صباح، وشركة ساميا التي تقرر أن تكون مشروعا مشتركا بين الكويت وشركة اسنيم التي كانت في ذلك الوقت مجرد عنوان لأن تأميم ميفرما لم يكن قد حدث بعد، واتفقنا معه على أن يكون رأس مال ساميا 20 مليون دولار تدفعها الكويت بكاملها أولا، ثم يتم تسديد حصة موريتانيا للكويت بعد ذلك بواسطة الإنتاج.
ولحسن الحظ بجهود الكويتيين وبجهودنا نحن أيضا، تم تدشين البنك العربي الإفريقي في موريتانيا يوم 29 نفمبر 1974م وكان إعلان تأميم ميفرما قد وقع يوم 28 نفمبر 1974م أي أن البنك دشن يوما واحدا بعد التأميم.
وشهدت موريتانيا كذلك افتتاح المصرف العربي الليبي الذي يدعى اليوم مصرف شنقيط، وبهذه البنوك وجد نوع من التنافس داخل القطاع البنكي في موريتانيا. وأصبحت هذه البنوك التي تحوي رساميل عربية ولموريتانيا فيها مشاركة تخدم أكثر سياسة البنك المركزي الجديدة.

الأمل الجديد: قلتم بأن تأميم ميفرما كان ضروريا لتوطيد العملة الوطنية، من أين جاء قرار التأميم؟

أحمد ولد داداه: قرار تأميم ميفرما قرار اتخذه الرئيس المختار رحمه الله في يوليو أو أغشت سنة 1974، استدعاني المختار ولد داداه أنا وسيد ولد الشيخ عبد الله وإسماعيل ولد أعمر وأخبرنا بقرار التأميم، وكلف كلا منا باتخاذ الإجراءات التي تعنيه أنا في البنك المركزي وسيدي ولد الشيخ عبد الله في وزارة الاقتصاد وإسماعيل ولد أعمر في اسنيم التي لم تكن آنذاك سوى وكالة صغيرة، ونجحت تجربة التأميم بدورها كما نجحت تجربة البنك المركزي.

الأمل الجديد: هل فاجأ التأميم شركة ميفرما؟

أحمد ولد داداه: نعم قرار التأميم لم يتسرب إلى أي أحد ولذلك مثل صدمة كبيرة لإدارة الشركة.. لقد كتب أوديبير الذي كان يشغل منصب المدير العام للشركة كتابا حملني فيه الدور الأكبر في عملية التأميم، والحقيقة أن الفكرة جاءت من عند الرئيس المرحوم المختار ولد داداه..

الأمل الجديد: كيف تمكنتم من توفير الأموال اللازمة لدفع تكاليف تأميم ميفرما الباهظة؟

أحمد ولد داداه: تلك قصة طويلة فتأميم الشركة أعقبته نقاشات كثيرة، فبعد أن أصبح التأميم أمرا واقعا دخلنا في نقاشات طويلة مع الشركة لتحديد مبلغ وصيغة التعويض لميفرما. وتم الاتفاق في هذا الإطار على أن يحتفظوا بالعشرين مليون التي ذكرت آنفا أن بنك بياوو قد دفعها لهم لما علم بالتأميم، وأن ندفع لهم مع ذلك 90 مليونا 40 مليونا منها فورا، والباقي على 5 دفعات مقدار كل دفعة 10 ملايين سنويا.
وطبعا لم تكن البلاد في تلك الفترة في وضع يمكنها من تسديد هذا المبلغ فاستدعاني الرئيس المختار رحمه الله، وطلب مني السفر إلى أشقائنا في الخليج، فاتجهت إلى الكويت التي استجابت لنا وأعطتنا المبلغ، وتم تحويله إلى الشركة في الوقت المناسب رغم ضيق الوقت الذي كان مقررا دفع المبلغ في حيزه، وكان هذا موقفا لا ينسى للأشقاء الكويتيين، فالمبلغ كان ضخما (40 مليون دولار) بالنسبة لتك الفترة. ولولا أن موريتانيا كانت تتمتع بسمعة كبيرة في العالم، وكانت تعتبر من حيث القيادة والتسيير بلدا نموذجيا لا فساد فيه ولا رشوة – على الأقل معلنة – لا تبذير لما استطعنا الحصول على كل هذه المبالغ.

الأمل الجديد: هل من أين كانت تستمد موريتانيا هذه السمعة والقيمة؟

أحمد ولد داداه: القيمة دائما أخلاقية كما تعرف، يقول الشاعر:

"وإنما الأم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا"

لقد كان لموريتانيا في تلك الفترة وزن معنوي كبير، وكان الكل يثق في تعهداتها حيث كان لها توقيع على لغة أهل الاقتصاد وبالتالي كانت لديها فرصة، ولو سلمت من كوارث حرب الصحراء والانقلابات لكانت اليوم قد قطعت شوطا بعيدا في التقدم. طبعا ما حدث هنا يمكن أن يحدث في مختلف بقاع العالم، فسير التاريخ ليس بالضرورة دائما مستقيما، فقد يكون مليئا بالعثرات والأخطاء.

الأمل الجديد: النخبة الموريتانية في تلك الفترة، والنخبة الآن هل بينها أوجه تشابه؟

أحمد ولد داداه: بادئ ذي بدء، كل الأطر الذين كانوا يدرسون في الخارج في تلك الفترة لم يكن أي منهم يفكر بالبقاء في الخارج، بل كانوا كلهم يحلمون بالعودة إلى الوطن والمشاركة في بنائه. وكان العمل طبعا متوفرا والموظف يشعر بقيمة معنوية كبيرة رغم تواضع الجانب المادي.
لقد كان من مميزات البلد في تلك الفترة عدم التبذير والبذخ، وعدم المباهاة بالمادة، فلم يكن يحظى بأي احترام من يتظاهر بأنه يتوفر على المال، وكان جو التقشف السائد في الدولة في تلك الفترة، إلى درجة أنه على سبيل المثال لا الحصر لم يكن يوجد مكيف هواء واحد في جميع الدوائر العمومية.
لقد كانت النخبة في تلك الفترة نخبة تتحمل المسؤولية، وتؤمن بالدولة وبضرورة بذل الغالي والنفيس من أجل هذا الشعب، وبالمقابل كان التوظيف والخدمات الصحية والاجتماعية التي تقدمها الدولة متوفرة وسهلة من ناحية أخرى، وكانت هناك هيبة حقيقية تتمتع بها الدولة، فكان كل من اقترف خطأ من رشوة أو اختلاس سواء كان وزيرا أو مديرا أو غيره يفصل على الفور ويحال إلى القضاء.
لقد كانت هناك مكافحة حقيقية للرشوة، وهذا الوضع جذر مفهوم الدولة وزاد الثقة فيها، سواء لدى المواطن أو في الخارج، كما جعل وسائل الدولة تكرس لخدمة شؤون المواطنين، فمثلا لم تكن الدولة تمنح سكنا لأي موظف يملك منزلا خاصا به ولو كان وزيرا، حتى الرئيس المختار رحمه الله وضع منزله الخاص به تحت تصرف الدولة التي اتخذت منه مقرا لاستقبال الضيوف مجانا.




الأمل الجديد: هل كان الرئيس المختار يعاملكم معاملة خاصة كأخ لرئيس الجمهورية..؟

أحمد ولد داداه: أبدا، لم أشعر في أي لحظة من اللحظات أنه يعاملني في مجال العمل معاملة خاصة، ولو فرضنا أنه كانت هناك معاملة خصوصية فهي أقرب على السلبية، حيث كان يتجاوز للآخرين ما لا يتجاوزه لي.. وأنا بالمقابل كنت أقول له رأيي بكل حرية، وربما أعربت له عن عدم موافقتي على ما لا أوافق عليه بكل أمانة وتجرد، هذا هو النهج الذي كان يحب ويتعامل به.. وأذكر في هذا الصدد أنني استفسرته مرة بشأن شخص لا أريد أن أسميه هنا أشيعت عليه تهمة مالية فقام بفصله من الوظيفة وأحاله إلى القضاء، فقال لي إذا قمت أنت بنفس الشيء فستواجه نفس الجزاء..
ومن حيث الوظيفة لا أعتقد بالنظر إلى الكفاءات التي كانت موجودة في تلك الفترة أني وجدت من الحظوة في الدولة أكثر مما وجد زملائي المتخرجون معي من نفس المدارس، فقد كانوا وزراء ومدراء مؤسسات كبرى.

الأمل الجديد: فيما بين انقلاب يوليو 1978 ودجمبر 1991 تاريخ بداية دخولكم المعلن للحلبة السياسية، كيف كنتم تمارسون السياسة والشؤون العامة؟

أحمد ولد داداه: من فجر 10 يوليو 1978 إلى فاتح نفمبر 1982 كنت إما في السجن وإما تحت إقامة جبرية، قضيت 9 أشهر في ثكنة الهندسة العسكرية بتوجنين، ثم نقلت إلى بوتلميت حيث وضعت تحت الإقامة الجبرية إلى غاية 16 مارس 1981، فأرسلت إلى تيشيت، فبقيت في تكانت من 4 إبريل 1981 إلى نهاية يوليو من نفس السنة، وفي هذه المرحلة لم يكن باستطاعة أي أحد أن يزورني، كما لم يكن باستطاعتي التحدث إلى أي شخص، على الأقل بصورة رسمية أو طبيعية، لكني بالرغم من ذلك كنت أمارس السياسة من خلال تبادل وجهات النظر مع الآخرين والقيام بالتحسيس والنقد والتحليل، وما أشبه ذلك. وبعد إطلاق سراحي في فاتح نفمبر 1982 بقيت في البلاد قرابة سنة، وكنت في هذه الفترة على صلة ببعض الأشخاص الذين كنت أتبادل معهم الرأي حول القضايا الوطنية، ثم اضطررت للسفر لضرورة المعاش، فسافرت في أغشت 1983 كاستشاري دولي من سبتمبر 1983 إلى نفمبر 1986م بفرنسا، ومن نفمبر 1986م إلى نفمبر 1991م موظفا أو استشاريا في البنك الدولي، وكنت في هذه الفترة أتحفظ على أي ممارسة علنية للسياسة، لكني في نفس الوقت كنت على اتصال دائم بأخبار البلاد.. أما السياسة من بابها الواسع فدخلتها حقيقة في دجمبر 1991م.

الأمل الجديد: متى ستعودون إلى انواكشوط؟

أحمد ولد داداه: عدت يوم 28 نفمبر 1991م

الأمل الجديد: هل كان اختياركم لهذا التاريخ مقصودا؟

أحمد ولد داداه: كان مجرد صدفة.

الأمل الجديد: من كان يقف وراء فكرة ترشحكم؟ هل جاءت بمبادرة منكم أم بطلب من غيركم؟

أحمد ولد داداه: جاءت بطلب من جهات مختلفة.. لقد كان اتحاد القوى الديمقراطية يعيش صراعات بين مختلف طوائفه، حيث كثر الراغبون في الترشح باسم الحزب وتضاربت مشاربهم السياسية، فاتصل بي بعضهم وحثني على الترشح، كما حث الحزب على ترشيحي، فقررت المجيء إلى البلاد والوقوف عن كثب على الوضع قبل إعطاء موافقتي.

الأمل الجديد: اعترفت السلطات الانتقالية بأنه قد مورس ضدكم انقلاب انتخابي سنة 1992، ومع ذلك بقيتم في البلاد ولم تتوقفوا عن السياسة لماذا؟

أحمد ولد داداه: في تلك الفترة انخرط الكل من اللعبة السياسية التي اعتقدوا أنها ستكون شفافة ونزيهة، واشتد أوار الحملة حتى اعتقد الكل أن التغيير سيقع. وخلافا لما قيل آنذاك حصلت على نتائج ساحقة، وبعد هذه النتائج لم يكن في استطاعتي أن أرجع لأن ذلك يعتبر خيانة لنفسي وللشعب الموريتاني، لأن عهدا معنويا جديدا نشأ بيني وبين الجماهير التي وقفت إلى جانبي، وآمنت بالمشروع الذي تقدمت به، فكان ذهابي سيكون بمثابة خذلان للضمير، وللعهد المعنوي الذي يربطني بالمواطنين، فلهذا بقيت حيث لم يكن من المروءة أن أتخلى عن كل هذا وأذهب.

الأمل الجديد: من دجمبر 1991م إلى أغشت 2005م ، فترة طويلة شهدت انتخابات متعددة وفترات سجن مختلفة، ما هي الحصيلة التي خرجتم بها؟

أحمد ولد داداه: أصعب ما واجهته في هذه الفترة هو الحصار إلى درجة أنه لا يمكنني أن أتحدث في الهاتف إلا حديثا مسجلا ، وهذا ما ظهر في محاكمة النفايات حيث أرادوا أن يقدموا مقابلة تلفونية لي مع صاحب القدس العربي الذي اتصل بي يسأل عن تفاصيل تتعلق بدفن النفايات ، إضافة إلى العيون والجواسيس المنبثين في كل مكان إلى درجة أنه لا يمكنني أن أقوم بحركة ولا أتكلم بكلمة إلا وهي تحت المراقبة، وهو شيء مزعج و إن لم يمنعني من مواصلة الكفاح، مع أن له جانبا آخر مؤلما وهو تعريض أمن أولئك الذين هم على ارتباط أو تواصل معي للخطر، وهذا طبعا غير مريح إلى درجة أنني كنت -نظرا لانعدام مهنية أولئك الذين يكلفون بهذه المهام- أتعرف عليهم بسهولة ، وفي هذا الصدد أذكر أن أسرة جاءت ونصبت خيمة قبالة المنزل الذي كنت أقيم فيه مقابل سفارة فرنسا، وتعلمون أنه لا يوجد أي مرفق للحياة الطبيعية في تلك البقعة الواقعة بين منزلي وبين الشارع، فأرسلت شخصا يسأل هذه الأسرة عن سبب نزولها في هذا المكان، فقالوا إن بلدية تفرغ زينه هي التي أعارتهم هذا المكان، وما إن انتقلنا نحن عن ذلك المنزل حتى انتقلوا هم بدورهم..
وهنا، لاحظ بعض أهل الدار أن صاحب الدكان المقابل للدار يظل طوال الوقت جالسا أمام دكانه محولا وجهه شطر منزلنا، وظل هكذا مدة طويلة إلا أن شاء الله تبارك وتعالى أن احترق دكانه.. وما إن جاء انقلاب 3 أغشت حتى توقفت كل هذه الممارسات أو على الأقل تغير شكلها.

الأمل الجديد: هل تعتقدون أن ما شهده الحزب طيلة هذه الفترة من الانقسامات والانسحابات، وذهاب البعض إلى السلطة، هل تعتقدون أن السلطات كانت تلعب دورا في ذلك.

أحمد ولد داداه: أولا قبل أن أجيب على هذا السؤال أبدا بالشق المقابل للسؤال، وهو أن هناك أناسا كثيرين لهم قناعات، ولهم ثبات على المواقف، ومروءات، فهؤلاء الناس الذين كافحوا طيلة هذه الفترة، وصبروا على التشويه، وعلى التهميش والتجويع، وصمدوا على مواقفهم يستحقون التنويه.. كثيرا ما يقال بأن فلانا أو فلانا ذهب دون أن يجري الحديث عن الكم الكبير الذين بقوا ولم يذهبوا، هؤلاء الذين صمدوا وكانوا كلما اشتد الحصار واشتد القمع كلما ازداد تمسكهم بمبادئهم هم أكبر تشجيع لقيته.. إنه إذا كان هناك أشخاص لا يتمتعون بالثبات والصلابة في المواقف، أو أشخاص متمصلحون وباحثون عن فتات موائد أي حكم يتولى السلطة، فهناك أهل المبادئ المتسمون بالمروءة والشجاعة والمثابرة.
وبالنسبة لسؤالكم بديهي أن السلطة السابقة مسؤولة عما تعرض له الحزب من الهزات والانقسامات، إلى درجة أن السلطة شرعت هذه الانقسامات فمنحت اسم حزبنا لعدة مجموعات، فكان لديك اتحاد القوى الديمقراطية عهد جديد أ واتحاد قوى الديمقراطية عهد جديد ب، وقسمت ميزانيته وهذا أمر غريب.. وإلى درجة عمل السلطة على استقطاب كل الشخصيات ذات الوزن في الحزب سواء بالترغيب أو بالترهيب.. إذا تورط الدولة وزجها بثقلها في معركة إضعاف الحزب وشراء الذمم كان بديهيا.. لقد كانت السلطة تستدعي المرء وتقول له: سنعطيك كلما تريد مقابل التخلي عن أحمد ولد داداه، ومع كل هذا ظل الصامدون والمكافحون والثابتون على مبادئهم هم الأكثر، وإذا كانت السلطة قد أثرت في بعض الأشخاص إلا أنها فشلت في التأثير على الأكثرية، ورحم الله محمد ولد هارون ولد الشيخ سيديا الذي كان مثالا رائعا على الصمود وعلى الثبات على المواقف والتضحية بالغالي والنفيس.




الأمل الجديد: ألم تفكروا ولو للحظة ما في الاستسلام لليأس؟

أحمد ولد داداه: لا، «قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم، وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له» صدق الله العظيم.

الأمل الجديد: هل حاول ولد الطايع مرة إغراءكم على غرار ما كان يفعل مع أنصاركم؟

أحمد ولد داداه: أذكر أن المرحوم با عبد العزيز جاءني سنة 1992م، بعيد الانتخابات وقبل تشكيل الحكومة، وقال لي إن العقيد فلان (لا أريد أن أمسيه هنا)، أبلغه بأن معاوية مستعد لتعييني وزيرا أولا لمدة سنتين مع جميع الصلاحيات التي أريدها دون أن يضايقني أحد طيلة هاتين السنتين، فقلت له بأنني لست باحثا عن وظيفة لكني لا أمانع في فتح مفاوضات معه، فأبلغني بأن هذه المفاوضات ستتم بصورة سرية فقلت له إنني أصبحت شخصية عمومية ولن أقوم بعمل سري..
بعد ذلك حاول بعض الأشخاص الذين كانوا معي وذهبوا إلى السلطة أن يحثوني على المرونة اتجاه السلطة كي نتقارب، وكنت دائما أقول لهم بأنني لست ضد التقارب لكن ليس على حساب المبادئ. وطبعا وقع قدر من الإغراءات اتجاهي.

الأمل الجديد: كيف استقبلتم المرحلة الانتقالية أول علمكم بالانقلاب؟

أحمد ولد داداه: تأكدت من انقلاب 3 أغشت حوالي الساعة السابعة صباحا، وقبل الثانية عشرة تحققت من الأمر، فكتبت فورا بيانا بمساندته وتشجيعه، لأني كنت مقتنعا في تلك الفترة بأن الوضع الذي توجد فيه موريتانيا غير قابل للاستمرار، وقد لعبت هذه المساندة دورا أساسيا في إنجاح الانقلاب. فقد جرت الأحزاب السياسية الأخرى إلى اتخاذ نفس الموقف نظرا لطبيعة حزبنا ووزنه في الساحة السياسية، كما لعبت دورا كبيرا في منح هذا الانقلاب المصداقية على الصعيد الدولي حيث كنت على اتصال بالسفارات الرئيسية، كما أجريت اتصالات مع كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وباقي الممولين الآخرين.
الأمل الجديد: ماذا كنتم تقولون لهم؟

أحمد ولد داداه: كنت أقول لهم بأن موريتانيا كانت تعيش تحت الضغط الشديد، حيث القمع وسوء الظروف المعيشية، وأنهم لم يتمكنوا من فعل أي شيء طيلة الفترة الماضية رغم الانحرافات البينة، ورغم المعلومات والأرقام التي كان يتم تزويدهم بها، وأنه الآن لا عذر لهم في عدم دعم هذا التغيير الذي قام به الموريتانيون انسجاما مع طموحات الشعب الموريتاني، وأذكر أني قلت للمدير المساعد بإدارة إفريقيا في صندوق النقد الدولي أني حقيقة أشفق عليهم لأنهم، إما لم يكونوا يتمتعون بأي مستوى يمكنهم من اكتشاف الغش الذي كان يحدث في البلاد، حيث كانت على سبيل المثال بينهم وبين موريتانيا معاهدة تنص على أن الخزانة العامة لا تقترض من البنك المركزي أكثر من مليارين، في حين اقترضت 65 مليار و600 مليون أوقية دون أي مبرر شرعي، إضافة إلى الطريقة التي كان يتم بها تسيير مداخيل اتفاقيات الصيد الأوروبية، بعد أن مكثت ثلاث سنوات خارج الميزانية، فضلا عن المليار الذي تمنح اليابان سنويا إلى آخره، حتى رأيت المدير المساعد لصندوق النقد الدولي أسبل عينيه وأطرق إلى الأرض وأنا أقول له إني أتهمهم إما بالتواطئ وإما بالعجز.. إذن الخلاصة أني اعتقد أن تحركاتي الديبلوماسية من أجل إنجاح الانقلاب قد آتت أكلها.

الأمل الجديد: هل كانت السلطات الانتقالية واعية لهذا الدور الذي قمتم به؟

أحمد ولد داداه: نعم، لقد عملنا لصالحها، كما تركناها تستخدمنا لأن كل طرف كان مستفيدا من تثبيت الانقلاب.

الأمل الجديد: هل فعلتم هذا لاقتناعكم بأن الوضع لن يكون على كل حال أسوء مما كان؟

أحمد ولد داداه: نعم وإن كانت المرحلة الانتقالية بدورها سيئة، لكن على كل حال كلما تم جزء من مسيرة الشعوب، ورغم عدم وفاء المرحلة الانتقالية بتعهداتها ورغم ما شاب المسلسل من انحرافات إلا أنه حدثت أوضاع أفضل مما كنا فيه من حيث الحريات العامة.. إن كفاح الشعوب يمر بمخاض عسير لكنه يثمر في النهاية، فإذا نظرنا مثلا إلى المجموعات التي قادت انقلاب 8 يونيو 2003م نجد أنها كانت تدافع عن ولد الطايع سنة 1992م، وهذا يستنتج منه أن جهود الشعب الموريتاني وخطاب المعارضة قد أفلحا في إقناع هذه المجموعات التي نظمت انقلاب 2003م، أو دفعتهم إلى التفكير حتى اقتنعوا من تلقاء أنفسهم.

الأمل الجديد: متى اكتشفتم أن السلطات الانتقالية لا تنوي الوفاء بتعهداتها.

أحمد ولد داداه: اكتشفت ذلك في بداية 2006م مع أنني كنت أتوجس من ذلك منذ اللحظة الأولى، حيث ظهر مع تشكيل الحكومة في الأيام الأولى للانقلاب تحاش واضح للشخصيات المعروفة في المعارضة، وهو ما أكدته التعيينات التي تبعت ذلك والتي سارت على نفس الدرب، لكن مع بداية 2006 تأكد لي الأمر عندما أخذ الرئيس اعلي ولد محمد فال يستقبل الناس جماعات وأفراد ويوجههم، ويدعوهم إلى الانسحاب من الأحزاب وتبلورت الحقائق أمامي خاصة بعد ربطها بمجموعة من الأحداث والمواقف منها مثلا محاولة الرئيس اعلي ولد محمد فال معاملة ما حدث في الفترات الأخيرة على نفس قدم المساواة مع ما كان يجري في الحكم المدني الذي سبق الانقلاب العسكري، لكننا أصبحنا أمام مشكلة، فإما أن نعلن ذلك صراحة وسيؤدي هذا حتما إلى إضعاف حظوظ المعارضة لأنه سيرغم الناس التي تخاف من معارضة السلطة على التخلي عن دعم التغيير، وإما أن نلعب نفس اللعبة، وبما أن الرئيس كان يستعمل خطاب الشفافية ويظهر الحياد لعبنا معهم نفس اللعبة، فمكننا ذلك من الحفاظ على توازن غير معقول حتى نهاية المسار، وإن كانوا هم قد اضطروا في آخر المطاف إلى مزيد من التدخل.

الأمل الجديد: لقد التقيتم الرئيس اعلي ولد محمد فال مرات، ماذا كان يقول لكم؟

أحمد ولد داداه: كان يقول لي نفس ما يقوله في العلن، وهو أنهم حياديون لكنهم لا يستطيعون التحكم في الشائعات.

الأمل الجديد: ما دام هذا هو تقييمكم، فكيف اعترفتم بالنتائج إذن؟

أحمد ولد داداه: أولا أود أن ترجع إلى البيان الذي أصدرت بعيد الإعلان عن النتائج، لقد قلت: "حسب النتائج التي أعلنت وزارة الداخلية فإن فلانا حصل على الأغلبية وأني أهنئه وأتمنى له التوفيق..." إذن يؤخذ من هذا أني أبارك له ولايته دون أن يعني هذا أنني أعترف بالنتائج.. لقد قمت بهذا لأني كنت آمل نظرا لتجربة سيدي وتكوينه، وصفته كمدني، أن يشكل عهده فاتحة مرحلة إيجابية تدفع إلى تجذير الديمقراطية وترسيخها وتوطيد التناوب السلمي في البلاد.. إلخ، ولهذا قررت أن أهنئه وأن لا أكون عقبة في طريق تحقيق هذا الأمل.

الأمل الجديد: نحن الآن على أبواب اختتام سنة من ممارسة هذا الحكم الجديد، كيف تنظرون إلى الوضع اليوم؟

أحمد ولد داداه: الوضع اليوم في الحقيقة خطير جدا، فمن جهة هناك جهات تحلق بالرئيس في حين أنها مجرد امتداد للنظام السابق، إلا أنها لم تعد تشعر بذلك الخجل الذي كانت تشعر به خلال المرحلة الانتقالية لأنها تعتبر الآن أنها تستظل بظل رئيس مدني منتخب، وجموحها إلى استئناف ممارساتها السابقة اليوم غير خاف على أحد، ومن جهة أخرى تنازعه هذه الجهات مسؤولياته وزعامته، كل طرف يعتقد أنه دولة وحده ويتصرف لصالح رؤية ضيقة، أما التغيير برمزيته، وببعده التربوي، وبأساليبه، وأشخاصه غير المشحونين بالفساد والرشوة، فهذا لم يظهر حتى الآن، بل ازدادت الرشوة وازدادت المباهاة بها، وينضاف إلى هذه الوضعية غلاء الأسعار وتزايد البطالة، دون أن يكون هناك كفاح صارم ومتنور وجذري لهذه الوضعية وهذا كله يجعل الناس اليوم متخوفين على استقرار وأمن البلد، وأصبحت هذه التراكمات وهذه التخوفات تبرر الخوف على السير السليم والآمن للبلد إلى الأمام، وهذا الكلام يجب أن لا يؤخذ على أنه كلام معارضة، ولا على أن قائله له فيه غرض شخصي أو حزبي أو سياسي، بل ينبغي أن ينظر إليه - وهذا ما أتمنى- بجدية على سبيل قول المثل "اسمع اكلام امبكينك لا تسمع اكلام امظحكينك"، إنها صرخة أطلقها بهذه المناسبة وجرس إنذار أدقه تفاديا للانقلابات، أو الثورات الاجتماعية، أو الحروب الأهلية.

الأمل الجديد: لو فرضنا أنه سيكون هناك استجابة لهذه الصرخة، أين يكمن الحل؟

أحمد ولد داداه: رئيس الجمهورية يتمتع بكل الصلاحيات، وبإمكانه أن يوظف تلك الصلاحيات التي لا حدود لها في رسم سياسة إصلاحية على المديين القريب والمتوسط، تضع في الحسبان مصلحة الوطن واستقراره وإذا رأى أن الظروف التي يعمل فيها لا تمكنه من الإصلاح فعليه أن يقولها، فهو اليوم بوصفه رئيسا للجمهورية هو المتقلد بمسؤولية هذه البلاد، وهو موئل الشكاوى والانتقادات التي يشعر بها الشعب.

الأمل الجديد: أي نوع من العلاقة يربطكم بالرئيس الآن؟

أحمد ولد داداه: نحن نلتقي، وأقول له ما أعتقد بكل صراحة، لكن النتائج ما زالت بعيدة عن مستوى الطموح.

الأمل الجديد: جرى مؤخرا كثير من الحديث والأخذ والرد بشأن مؤسسة زعيم المعارضة. ما هو موقفكم من هذه المسألة؟

أحمد ولد داداه: هذه مسألة ثانوية بالنسبة لنا ولا تستحق الطرح بجانب الأوضاع الوطنية الصعبة التي تمر بها البلاد.. ما دمت أرى أن هذه المؤسسة قد تساعد في تحسين الممارسة الديمقراطية في البلاد فليست لدي أي مشكلة في التعاطي من خلالها، وعندما أشعر بأنها لم تعد تلبي هذا المطلب فلن أواجه أي مشكلة في التخلي عنها.

الأمل الجديد: أخيرا ماذا تقول للمواطنين الذين التفوا حولك وصوتوا لمشروعك في الانتخابات الأخيرة؟

أحمد ولد داداه: أقول لهم بأني بالرغم من كل شيء مدين لجميع الموريتانيين، سواء أولئك الذين ساندوني أو أولئك الذين وقفوا ضدي، وأعني هنا الذين صوتوا لما أملته عليهم ضمائرهم بعيدا عن أي حسابات ضيقة رغبة في خدمة الوطن.. أما زملاء الدرب الذين صوتوا لي فأقول لهم ما تقول العرب: "اثنان لا أنساهما أبدا، من أعانني ومن أعان علي" مع أني أشهد الله بأنني ناس لمن أعان علي. إن المهم في كل هذا، والذي يستحق التضحية وبذل الجهود في هذه القضية هو الشعب الموريتاني، وهذا الوطن الذي حبه من الإيمان، والذي هو موئلنا اليوم وموئل أجيالنا القادمة التي هي من سيجني ثمرة كفاحنا هذا من أجل الإصلاح، وأؤكد لكل المواطنين الذين ساندوني أنني ما غيرت وما بدلت، وأنني ما زلت أعمل من أجل الديمقراطية والعدالة الحقيقية التي تعود على الشعب الموريتاني بالرفاهية والتقدم والازدهار، وإن اختلفت المرحلة والأساليب من مقابلة احمد ولد داداه مع الامل الجديد
الرد على هذا المقال
أحدث المقالات
في هذا القسم ايضاً
حافظ الميرازي يكشف قناة الجزيرة التى تحولت الى قلعة للمتطرفين الاسلاميين
المختار السالم(الخليج الاماراتية)
راى حول التشكيلة الحكومية الجديدة...
مقابلة مثيرة مع السيد الرئيس سيدى ولد اشيخ عبد الله..
المعلومة ترفض طلبا للناهة بنت مكناس بإعداد أغنية لتمجيد القذاف
نواصل الحديث الذى بداناه عن المراة...
إسماعيل ولد أعمر يشن حملة شعواء على الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الل
المعلومة فى مقابلة..
قالت :هذه هى صورتنا
ساترك وصيتى...
المعلومة بنت الميداح رئيسة للجمهورية...
المراة الضحية بين غنى يغريها بامواله ومتلبس بالدين يعدها بالجنة..
ليلة "المروح "او ما يسمى بليلة الدخلة عن العرب
الزواج فى موريتانيا
فتاة اعلان موريتانية
#encart a{height:1em;}#encart li{height:1em;float:left;clear:both;width:100%}
#encart li{clear:none;}
0 15
تصفح
الأقسام
#menu-rubriques a{height:1em;}#menu-rubriques li{height:1em;float:left;clear:both;width:100%}
#menu-rubriques li{clear:none;}
الأقسام
الاخبار
مقابلات
خبر اليوم
مقالات
مواضيع عامة
فضائح
فن وثقافة
صورة وخبر
صورة وتعليق
واقع المرأة
مناظر موريتانية
آراء حرة
قصائد ممنوعة
فوتوشوب
صوت مدوِّن
#menu-rubriques a{height:1em;}#menu-rubriques li{height:1em;float:left;clear:both;width:100%}
##menu-rubriques li{clear:none;}
الصفحة الاساسية خريطة الموقع المجال الخاص الإحصاءات
25076 زائر و 35885 مشاهدة الصفحات. المتواجدون حاليا 30.
جميع الحقوق محفوظة 2008 RIM TODAY ©

Aucun commentaire: